الوساطـة غيــر القضائيـة لتسويـة المنازعـات المدنيـة والتجاريـة – القانــون الإماراتــي

إسهاماً منّا في نشر المعرفة والارتقاء بالثقافة القانونية لدى كافة شرائح المجتمع وكذلك لأغراض الفائدة العلمية وتسليطاً للضوء للناحية العملية والآلية ذات الصلة بالنسبة للمعنيين من تلك الشرائح، يسرنا نحن مكتب بن مسحار ومشاركوه للمحاماة والاستشارات القانونية، التقدُّم فيما يلي بنبذة موجـــزة عــن الوساطــة غيــر القضائية التــي نظّمها القانـون الاتحادي رقم (6) لسنــة 2021 في الفصل الثالث به:

ماهيّة الوساطة غير القانونية
الوساطة غير القضائية هي وسيلة اختيارية أتاح المشرّع الإماراتي سلوكها لتحقيق تسويات وديّة خارج المحاكم للمنازعات المدنية والتجارية التي يجوز الصلح فيها والتي تنشأ بين أطراف علاقة قانونية عقدية كانت أو غير عقدية، وذلك من خلال استعانتهم بوسيط والذي هو طرف محايد، لحل تلك المنازعات وديّاً.
اللجوء إلى الوساطة غير القضائية
– يجوز للأطراف إنفاذاً لاتفاق وساطة خطّي اللجوء مباشرةً إلى مركز الوساطة والتوفيق المنصوص عليه في القانون الاتحادي رقم (17) لسنة 2016 أو بموجب أي قانون محلي آخر (المركز)، لتسوية النزاع بينهم، وذلك قبل رفع الدعوى القضائية.
– ويجب أن يتضمّن اتفاق الوساطة تحديد موضوع النزاع محل الوساطة ولغة الوساطة، وتعيين الوسيط أو طريقة تعيينه.
– يُقدَّم الطلب على الأنموذج المُعد لذلك إلى القاضي المشرف على المركز، مرفقاً به اتفاق الوساطة وأيّة مستندات لها صلة بموضوع النزاع.
– يجب أن يتضمّن الطلب ما يأتي:
أ- رغبة أحد الأطراف أو جميعهم في اللجوء إلى الوساطة، وتعهُّد طالب الوساطة بالحضور في الجلسات المحدَّدة لانعقادها وتزويد الوسيط بالمعلومات والوثائق اللازمة حول النزاع المحال.
ب- موضوع الوساطة.
ج- تعيين وسيط خاص وفقاً لاتفاق الوساطة، ويجوز أن يكون الوسيط من بين المقيدين بقوائم الوسطاء بالمركز.
د- مدَّة الوساطة المتفق عليها، على ألا تتعدَّى الثلاثة أشهر من تاريخ قبول الوسيط لمهمته، وتكون قابلة للتجديد لمدّة مماثلة ولمرة واحدة فقط بموجب قرار من القاضي المشرف بناءً على اتفاق يبرمه الأطراف.
– يكون للقاضي المشرف ذات سلطات المحكمة المختصة من حيث تقدير نفقات الوساطة والتي حدّها الأعلى 5% من قيمة موضوع النزاع، وتعيين الوسيط وتلقي تقارير الوسيط والمصادقة على اتفاق التسوية.
إجراءات الوساطة
– يعلن الوسيط أطراف النزاع أو من ينوب عنهم قانوناً بموعد الجلسات ومكان انعقادها بأيّ طريق من طرق الإعلان القانونية المقرّرة، بما فيها الوسائل الإلكترونية.
– يحضر جلسات الوساطة أطراف النزاع بأشخاصهم أو من ينوب عنهم قانوناً بوكالة خاصة، وإذا كان أحد الأطراف شخصاً اعتباريّاً وجب أن يحضر الجلسات ممثله القانوني أو وكيله الخاص، ويجوز للأطراف الاستعانة بمستشارين لحضور الجلسات معهم، ولا يجوز لغير المعنيين بالنزاع حضور جلسات الوساطة إلا بموافقة جميع الأطراف.
– يتقدّم كل طرف من أطراف النزاع إلى الوسيط قبل وقت كافٍ من الجلسة الأولى المحدّدة من قِبله بمذكرة موجزة تتضمّن ملخصاً لادعاءاته أو دفوعه مع المستندات التي يستند إليها، ولا يتم تبادل هذه المذكرات والمستندات بين الأطراف.
جلسات الوساطة
– خلال جلسات الوساطة يناقش ويتشاور الوسيط مع الأطراف مجتمعين في موضوع النزاع وطلباتهم ودفوعهم، وأن يتخذ ما يراه مناسباً لتقريب وجهات النظر بينهم بهدف الوصول إلى حل وديّ، ويجوز له لهذه الغاية إبداء رأيه إذا طلب منه الأطراف وتقييم المستندات والأدلة المقدّمة منهم، وأن يستعرض المبادئ القانونية المتعلقة بالنزاع وغيرها لتيسير عملية الوساطة.
– وللوسيط تنظيم جلسات خاصة مع كل طرف على حدة من أطراف الوساطة، ولا يحقُّ له الكشف للطرف الآخر عن أي معلومات تمّ تداولها في تلك الجلسة إلا بموافقة الطرف الذي صرّح له بها.
– تعتبر إجراءات الوساطة سريّة، ولا يجوز الاحتجاج بها أو بما قُدّم فيها من مستندات ومعلومات أو ما تمّ فيها من اتفاقات أو تنازلات من الأطراف، أمام أيّ جهة كانت، ويُحظر على المركز والوسيط والأطراف وكل مشارك في الوساطة الكشف عن أيّ معلومات أثيرت خلال إجراءات الوساطة إلا بموافقة الأطراف كافة، أو تعلّق ذلك بجريمة.
انتهاء الوساطة غير القضائية
– تنتهي الوساطة في أي من الحالات الآتية:
أ- توقيع الأطراف على اتفاقية التسوية.
ب- اتفاق الأطراف والوسيط على إنهاء الوساطة غير القضائية قبل الوصول إلى اتفاق لأيّ سبب كان.
ج- إعلان أيّ من الأطراف للوسيط أو المركز بعدم رغبته في متابعة الوساطة غير القضائية.
د- إبلاغ الوسيط خطيّاً أو إلكترونيّاً للمركز بعدم جدوى الوساطة غير القضائية وانتفاء أيّ إمكانيّة للوصول إل حلّ للنزاع.
هـ – إبلاغ الوسيط خطيّاً أو إلكترونيّاً للمركز بانتهاء الوساطة القضائية لغياب أيّ من الأطراف عن جلستي وساطة متتاليتين بدون عذر.
و- انتهاء مهلة الوساطة.
حالة فشل الوصول إلى تسوية
– إذا لم يتوصل الوسيط لتسوية النزاع لأيّ سبب كان خلال المدة المحدّدة له بقرار الإحالة، يقدّم تقريراً إلى المركز يبيّن فيه فشل التسوية ومدى التزام الأطراف ووكلائهم في حضور الجلسات المحدّدة، ويُعطي الأطراف إفادة بما تمّ في شأنها.
المصادقة على اتفاقية التسوية
– إذا توصل الأطراف عند انتهاء الوساطة غير القضائية إلى اتفاق تسوية للنزاع كليّاً أو جزئيّاً، يُقدّم الوسيط إلى المركز تقريراً بذلك مرفقاً به اتفاق التسوية الموقّع من قِبل الأطراف للتصديق عليها، ويقوم القاضي المشرف بالتصديق على الاتفاق، ولا يُقبل الاعتراض على مصادقة اتفاق التسوية إلا بموجب دعوى بطلان أمام المحكمة، ويُعدُّ الاتفاق بعد المصادقة عليه سنداً تنفيذيّاً، ويُذيَّل بالصيغة التنفيذيّة، ويجري تنفيذه وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية، وتكون له ذات حُجّية الأحكام القضائية ويكون ملزماً للأطراف ولا يجوز لهم الرجوع فيه، ويُمتنع عليهم إعادة طرح ذات النزاع موضوعيّاً وسبباً بين ذات الأطراف مـــرةً أخـــرى أمام المحاكـــم، وتقضـي المحكمـــة بهذه الحُجّيـــة من تلقــاء نفسها.